كيف تنخر سوسة الكذب مجتمعنا

كنت قبل عدة اسابيع أتسوق في سوبرماركت وكان في الجوار رجل يتسوق دافعاً عربته أمام الرفوف بينما هو يتحدث على هاتفه الخليوي بصوت مرتفع فسمع الجميع تفاصيل حديثه. وكان حديثه مفاجئاً يثير الإستهجان فهو قد كان يكذب بالفم المليان دون أي أثر للحرج أو الإستحياء، إذ كان يخبر محدثه أو محدثته على الجانب الآخر بأنه الآن في الطريق وبأن الزحام شديد وسيؤخره عشرة دقائق عن الموعد!

قصة بينوكيو يعرفها الكثيرون منا منذ أيام الطفولة وهي من وحي خيال مؤلفها كارلو كولودي. إنها قصة تلك اللعبة الخشبية التي كذبت فطال أنفها مع كل كذبة جديدة. بينوكيو مخلوق وحيد من عالم الخيال ولكن هل رجل السوبرماركت هذا حالة فردية غير شائعة في مجتمعنا؟ من تجربتي أستطيع أن أجيب بالنفي، فالكذب قد أصبح مألوفاً بل متوقعاً في التعامل اليومي بين الناس من مختلف شرائح المجتمع وخاصة في قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة. ومن المحزن أن يصبح الكذب تصرفاً مقبولاً اجتماعياً لا يستحي الكثيرون من اجهاره. وحزني سببه أن الكذب سوسة ضارة يؤذي من يقع ضحيتة ويؤذي من يمارسه ويؤذي المجتمع بأكمله.

مضار الكذب

على من يمارس الكذب:

Mesh2إن من يكذب مرة قد يعتاد على الكذب فيصبح خصلة من خصاله تفسده في دنياه وتؤذيه في آخرته يوم يلقى وجه خالقه.

Mesh2إن من يستسهل الكذب ويكرره قد يتشجع على انحرافات أخرى في السلوك وربما ينتهي به الأمر إلى الإقدام على جنحة أو جريمة.

Mesh2يستلزم الكذب من صاحبه أن يتذكر ما قال ويضطر لاحقاً إلى المزيد من الكذب لتغطية كذبته الأولى، فتصبح حياته مسلسلاً معقداً من الكذبات المتتالية.

Mesh2قد تلحق بالكاذب عواقب وخيمة تسبب له الضرر والأذى إذا تم اكتشاف كذبه.

Mesh2إن من يكذب مثل أعلى سيء لأولاده ومن هم أصغر سناً من أقاربه ويزعزع مبادىء الأسوياء منهم ويربيهم على تبني سلوك الكذب أو تقبله من الآخرين.

Mesh2يشوه الكذب سمعة الكاذب بين الناس بعد أن يتم اكتشاف كذبه المتكرر وانتشار الخبر عنه بين الناس وهذا أمر يقود الناس إلى عدم الثقة به وتجنب التعامل معه.

على ضحية الكذب:

Mesh2يحرم الكذب ضحيته من معلومات صحيحة تساعده على القيام بالإختيار الصحيح أو القرار الصائب وقد يقوده إلى قرار خاطىء أو إلى الحيرة وعدم القدرة على الإمساك بزمام أموره.

Mesh2يشعر الضحية بالمرارة لإحساسه بأنه قد ظلم وأن من كذب عليه لم يعطه الإحترام الذي يستحقه كإنسان وقد ألحق به الضرر نتيجه لكذبه عليه.

Mesh2يفقد الضحية ثقته بنفسه وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة أو قدرته على الحكم على الناس وتقييمهم. ويؤدي هذا إلى خلق التردد والحيرة في شخصية الضحية.

Mesh2قد يولد الكذب الرغبة في الإنتقام عند ضحية الكذب أو العزم على الرد بصاعين على من اقترف الكذب بحقه.

على المجتمع ككل:

Mesh2قد يشجع الكاذب الآخرين على نفس السلوك وعندما يستشري الكذب في مجتمعاتنا يسود انعدام الثقة بين الناس وتشتد الضغينة بين الناس عوضاً عن الإخاء والتعاون.

Mesh2يؤدي انتشار الكذب إلى إضعاف عجلة العمل في كل ميادينه عندما يصعب التعامل والتعاون والتخطيط والتنظيم وهذا بدوره يجمد تقدم المجتمع ويحكم عليه بالفشل.

Mesh2يخلق الكذب النزاعات ويولد العنف الذي عندما يصيب المجتمع لا يقف عند حد وقد يصل في نهايته إلى الفوضى وانعدام الأمن.

أساليب علاج آفة الكذب

على الآباء والأمهات منح الأبناء والبنات التوجيه المستمر والمتكرر ليفهموا أن الكذب أمر غير مقبول بتاتاً في العائلة والمجتمع، كما على الآباء والأمهات أن يكونوا الأسوة الحسنة بعدم الإقدام على الكذب أنفسهم كي لا يعطوا أبناءهم مثلاً سيئاً يقودهم إلى سكة الكذب كأسلوب حياة.

على المدرسة دوراً أساسياً في التركيز على تربية النفوس في السنين الغضة لتنبذ الكذب. ويتعاظم دور المدرسة عندما يضعف المستوى الثقافي والقدرة على النهوض بمسؤوليات تربية الأجيال الجديدة لدى الآباء والأمهات.

دور الإعلام ومنابر المساجد كبير ومؤثر في مجتمعاتنا وعلى هذه الجهات واجب نحو المجتمع في توجيهه كي ينبذ الكذب مهما صغر حجمه ويجتنب من يكذب من أفراده، وتشجيعه على الصدق والتسامح والعدل والتعاون.

ما رأيِك؟ هل لديك تعليق؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.