أرشيف الوسم: تربية الأطفال على احترام ممتلكات الآخرين

كيف تعلمي أطفالك احترام ممتلكات الغير ولماذا عليك الإهتمام بالأمر

آداب وأصول اللباقة

عندما أزور مدينة جميلة في اجازتي احسد اهلها على حسن حظهم واتحسر على مدننا بشوارعها وأرصفتها وأماكنها العامة من أسواق ومستشفيات وحمامات عامة. لا تلوموني، فالنفس البشرية تميل بطبيعتها إلى ما هو جميل وكامل ونظيف. واظنني واياكم مثل باقي النفوس نتوق الى العيش في مدينة نظيفة خضراء بحدائقها وجوانب طرقاتها، زاهية بواجهات عماراتها، مريحة في ترتيب ونظافة ارصفتها وآمنة في تنظيم شوارعها ومواقفها. أتوق عندما اضطر إلى اللجوء إلى حمام عام، إلى أن أجده نظيفاً وأن أجد مكوناته ومفروشاته سليمة تعمل على أكمل وجه. أتمنى أن أدخل الى محطة القطار أو أركب الباص فأجد المقاعد قد حفظها الركاب السابقون نظيفة غير ممزقة إرباً. أحلم أن أدخل عيادة فأجد المقعد خالي من آثار الأحذية أو بصمات دبقة من حلوى الأطفال. أحلم في أن أمشي في رياضتي المسائية على رصيف متواصل فلا اضطر الى النزول الى منتصف الشارع بين السيارات كي اكمل طريقي وأتجاوز شجرة متروكة أغصانها دون تقليم قد أكلت الرصيف ولم تبقي فيه موطىء قدم، وأن لا أشم الروائح العفنة ولا أرى أكوام الزبالة المطروحة أرضاً، لأن صاحب المنزل أو الدكان يرفض أن يشتري برميلا نظيفاً يحفظ قمامته حتى يحين موعد جمعها من عمال البلدية (كان الله في عونهم أشد العون). أدعو ربي في بداية مشواري أن لا تنزلق قدمي على الأرصفة المكسورة، والتي احياناً يكون من كسرها سائق جرافة البلدية عندما جاء في الشتاء الماضي ليزيح الثلوج ويفتح الطريق فتركه مدمراً خلفه!

image
حال مدننا ومنشآتنا لم يكن كذلك إلا لأننا لا نحترم ممتلكات الغير، سواء كانت لشخص بعينه أو ممتلكات عامة مالكها هو الشعب في مجموعه، ولأننا لا نكترث أن نربي أطفالنا على احترام ممتلكات الغير. ولكن كيف الطريق إلى إصلاح هذا العيب ومن المسؤول عن تنفيذه؟
المسؤول هو أنت يا صديقتي الأم المستنيرة، أنت وزوجك أبو البنات والبنين، فتربية الأطفال وتنشئتهم على الأخلاق السوية واحد من أهم واجبات الأمهات والآباء، وهو عبادة. هل تذكروا، “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”؟

إن تربية اطفالك على التصرفات الطيبة والإحترام أمر ليس بالهين، أوافقك، ولكنه أمر ضروري جداً لحياتهم ونجاحهم بين أقرانهم، يحصدون ثمار هذه النشأة في طفولتهم وشبابهم وبالأخص عندما يصبحوا أفراداً بالغين. زيدي على ذلك أن هذه النشأة هي أملنا كشعوب في مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وكما قال رئيس للمكسيك في القرن التاسع عشر، إن احترام الغير هو السلام. فمن تربى على الاحترام صار ابعد عن القيام بالإعتداء على الغير أو على ممتلكاتهم. ومن جهة أخرى تذكري أن سلوك أطفالك هو مرآة تعكس للناس أخلاقك أنتِ وثقافتك واتجاهاتك في الحياة بشكل عام، سواء رضيت بذلك أم أبيت!

image

خطوات زرع الإحترام لممتلكات الآخرين في أطفالك

Concentric1اشرحي لهم بطريقة تصل إلى مشاعرهم. فسري لهم أن الممتلكات الشخصية مهمة لكل إنسان واسأليهم عن شعورهم نحو ألعابهم وملابسهم وسيارة العائلة والبيت، ثم دعيهم يشرحوا لك ما هو احساسهم عندما يخرّب أحدهم أو يأخذ منهم ممتلكاتهم بدون رضاهم.
Concentricكوني مثلهم الأعلى فلا تستعيري غرضاً من أحد بدون إذنه، حتى ولو كان أحد أطفالك. إحترمي ممتلكاتهم ولا تأخذي شيئاً منهم بدون أن تشرحي لهم لماذا أخذتيه، حتى ولو كان ذلك جزءاً من عقاب لهم.
Concentricازرعي في أطفالك خصلة التعاطف مع الآخرين واطلبي منهم ذلك مراراً وتكراراً. فإذا شب أطفالك على الشعور مع الآخرين والتفكير بالغير سيتوقفوا للتفكير مرتين قبل أن يمسكوا أو يكسروا شيئاً ليس لهم. كما أن السرقة وإضاعة أغراض الغير ليس شائعاً عند هذه النوعية من الأطفال.
Concentricمرنيهم على الإحترام في كل فرصة حتى أثناء اللعب. فمثلاً إذا دعي ابنك عند صديقه لللعب في منزله، قومي بتمرينه بالطلب منه أن يمثل ماذا سيقول إذا أعجبه غرض من ألعاب صاحبه وأراد أن يمسكه أو يلعب به، وكيف سيطلب أمراً ما، وماذا سيقول عندما يعطيه أحد شيئاً مثل لعبة أو طعام، وأقصد هنا تذكيره بتلك الكلمات الساحرة- من فضلك وشكراً.
Concentricعوّدي أطفالك على تحمل النتائج عندما يخطئون التصرف وأعطيهم فرصة الإحساس بالمسؤولية عن أفعالهم. وليتمحور تفعيل النتائج على تصحيح الأمور، فمثلاً إذا كسر إبنك شيئاً لأخته خذي غرضاً من ممتلكاته واطلبي منه أن يكتب رسالة أو يرسم بطاقة اعتذار لأخته. وإذا أضاعت ابنتك كتاب صاحبتها افرضي عليها أن تدفع ثمن كتاب جديد لصديقتها وذلك بالتخلي عن مصروفها أو أي مبلغ مساوٍ لثمن كتاب جديد.
Concentricهللي لهم وكبري عندما يفعلون خيراً ويحسنون التصرف. فالفعل الذي يحظى بالإهتمام والإعجاب منك سيكبر فيهم ويتضاعف. وتجنبي الوقوع في خطأ تعظيم أخطائهم، ولكن اهتمي بتصحيحها وتذكير طفلتك وطفلك بأهمية احترام الآخرين واحترام ممتلكاتهم والمحافظة عليها. اذاً، ضخمي التصرفات السليمة عند أطفالك واهتمي أن تلتقطيها دائماً وتمتدحيها.
Concentricدائماً، ضعي نصب عينيك هدفاً وراء أي فعل أو قول توجهينه لأطفالك. وتذكري أن أحد أهدافك من وراء تنشئة الأطفال على الإحترام هو إنتاج أفراد ناجحين منتجين ينتمون إلى فريق ومجتمع متعاون، متعاطف، غير أناني. وكل هذا يأتي من زراعتك بذور خشية الله ومحبة الوطن واحترامه في شوارعه وحدائقه ومبانيه واحترام ناسه الذين يشاركونا هذه الأوطان.