أرشيف الوسم: مقاومة البكتيريا

لماذا الصابون المضاد للبكتيريا ليس أحسن فكرة قد تأتيكِ؟

يبدو لي أن هناك إعلان عن صابون مضاد للبكتيريا في كل مجلة أتصفحها وكل قنال أقلب تلفزيوني عليه. وقد تلقى فكرة استعمال مثل هذه الأنواع من الصابون القبول عند كثير من الأمهات اللواتي تجتهدن في حماية أسرهن من الجراثيم والأمراض، ولكن هل الصابون المضاد للبكتيريا شيء جيد؟ هل هو آمن وهل من المنطق استعماله في بيوتنا؟ ماذا يقول العلم؟

Mom-and-baby-[Converted]

صحيح أن الصابون المضاد للبكتيريا يقتل غريمه ولكن—مفاجأة!— يقوم الصابون العادي والماء بمهمة حمايتنا من العدوى بنفس الكفاءة وهذا ما توصلت إليه لجنة توصيات المؤسسة الأمريكية للغذاء والدواء (FDA) منذ عام 2005. فلا داعي للفتك بالبكتيريا عندما نغسل أيدينا في بيوتنا ويكفي شطفها من على أيدينا وأجسامنا لتنزل إلى مصرف المغسلة أو البانيو فتذهب بعيداً في أنابيب الصرف الصحي. هذا كل ما نحتاج إليه للوقاية من العدوى.

ومن جهة ثانية فقد تسبب هذه الأنواع من الصابون الأذى، إذ أنها تحتوي على مواد كيماوية تدور حولها بعض الشبهات مثل مادة تريكلوسان triclosan، التي دخلت في تركيب بعض أنواع معجون الأسنان أيضاً، ويتم التحقيق فيها حالياً من ناحية إمكانية تسببها في ظهور أمراض السرطان. فتريكلوسان مادة كيماوية تتفاعل مع الكلورين الموجود في الماء لتعقيمه وينتج عن هذا التفاعل مركب اسمه كلوروفورم وهو مادة مسرطنة. فالأسر التي تستعمل صابون مضاد للبكتيريا قد تعرض نفسها إلى مادة كلوروفورم بشكل أكبر من السقف الآمن المسموح به بنسبة 15 إلى 40 بالمائة، والسقف المسموح به هو 80 مايكروغرام بالليتر. ومع تكرار غسل الأيدي والإستحمام عبر السنين قد تزيد احتمالية ظهور مرض السرطان. ومن ناحية أخرى قد تكون هناك علاقة  بين تريكلوسان ومرض الحساسية وظهور بكتيريا مقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية.

ولكل أم أقول أنك تتفوقي في مهمتك كأم عندما تربي جيلاً على عادة غسل الأيدي بكثرة والإستحمام بالماء والصابون العادي يومياً صيفاً شتاءاً أكثر من تبني عادة استعمال الصابون المضاد للبكتيريا الذي لا يعطي بالضرورة حماية أكبر وقد يشكل تهديداً للصحة ولميزانية العائلة فهذه الأنواع من الصابون أغلى سعراً من الصابون العادي.

خطر تناول المضاد الحيوي لعلاج الرشح

لماذا يصف الأطباءMesh2 المضاد الحيوي للرشح؟

يعلم الأطباء أن كتابة وصفة مضاد حيوي للمريضة التي تعاني من الرشح أو التهاب بسيط في الجيوب الأنفية لن تقدم أو تؤخر شيئاً في شفائها، ولكن بالرغم من هذا فكثير من الأطباء يكتبون الوصفة. حتى في بلد متقدم مثل أمريكا وجدوا أن نصف الوصفات التي كتبها الأطباء لمضاد حيوي وعددها 100 مليون وصفة سنوياً كانت لمرضى يشكون من مشاكل في المجاري التنفسية لا تفيد المضادات الحيوية في علاجها إذ أن غالبية هذه الإلتهابات تسببها فيروسات وليس بكتيريا. وتشفى هذه الإلتهابات تلقائياً بدون علاج خلال بضعة أيام كما لا تؤثر عليها المضادات الحيوية اصلاً فالمضادات الحيوية قادرة على قتل البكتيريا وليس الفيروسات.

لماذا، يا ترى يحدث هذا؟

يقول الأطباء أن أغلب المرضى لا يشعرون بالرضى إلا إذا وصف الطبيب الدواء. وهذا يحدث فعلاً في كثير منaddiction-71538_640[2] الأحيان، إذ تأتي الأم وبصحبتها طفلتها المريضة إلى عيادة طبيب الأطفال وفي ذهنها أنها ستخرج ومعها وصفة تشفي طفلتها. إن رغبتها بفعل شيء ملموس لشفاء طفلتها أمر مفهوم وطبيعي ولكن المضاد الحيوي ليس هو علاج العلة وقد يسبب هو نفسه مشاكل للطفلة وأحياناً مشاكل خطيرة. فأيضاً في أمريكا وجدت الإحصاءات أن 140,000 شخص ومن بينهم الكثير من الأطفال يقصدون غرفة الطوارئ بسبب رد فعل أو أعراض جانبية ناتجة عن المضادات الحيوية. وأحياناً يكون رد الفعل شديد لدرجة تستدعي إدخال المريض إلى المستشفى.

هناك نتيجة أخرى لهذا الإستعمال الموسع للمضادات الحيوية وهو تطور قدرة البكتيريا على مقاومة المضادات الحيوية. يقول د. عاصم الشهابي أستاذ المايكروبات الطبية في كلية الطب في الجامعة الأردنية، “فعليا أصبحت هذه الظاهرة الخطيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، أحد أهم أسباب زيادة حالات فشل معالجة الالتهابات والحميات بجميع أنواعها”. فالبكتيريا موجودة في أجسامنا وفي كل مكان تقريباً. وعندما تتعرض البكتيريا وإيانا إلى المضادات الحيوية بشكل متكرر تتمكن في النهاية من تغيير مادتها الوراثية فتكتسب مقاومة تجعلها تتغلب على المضادات الحيوية فلا تموت بالرغم منها. وهذا سيناريو خطير لأن هذه البكتيريا قد تعود وتصيبنا في المستقبل أو تصيب أي شخص آخر وعندها لا ينفع العلاج. وتشير الأبحاث إلى أن 70 بالمائة من حالات الوفاة بين المرضى المصابين بعدوى سببها بكتيريا ناتجة فعلياً عن مقاومة هذه البكتيريا للمضادات الحيوية.

-------------

ومن مصائب العالم الثالث مثل الأردن وباقي البلاد العربية أنه يمكن لأي شخص الحصول على المضاد الحيوي من أي صيدلية بدون وصفة طبية وهذا يدعو الناس إلى تناولها بشكل موسع متكرر وخاطىء. مثلا أخبرتني إحدى مريضاتي أنها تتناول حبة مضاد حيوي واحدة عندما تصاب بالزكام وتجزم أنها تشفى. طبعاً، هذا وهم وما بعده وهم!

ليس هذا كل ما في الأمر، فهناك الأثر المادي على جيب المريضة ومالية بلادها فأسعار الأدوية لا تنفك في تزايد وقد تأكل نسبة غير بسيطة من ميزانية الأفراد والدول على حد سواء إذا لم يتعاون المرضى والأطباء في إيقاف هذه الممارسات والتوقعات التي لا تصب في مصلحة أحد سوى شركات الأدوية الغنية، العالمية منها والمحلية.

سؤال: هل تباع المضادات الحيوية بدون وصفة طبية في بلدك؟ يسعدنا أن نعرف. وما هو رأيك في تقييد شراء المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية؟ يمكنك التعليق بالضغط على Leave a comment أدناه.