خمسة أسباب كي تقولي ممنوع التدخين في صحبتي

لا يسجل ضرر الدخان على غير المدخنين أي أثر على أنتين المدخنين في بلادنا كما يبدو لي في كثير من الأحيان عندما أتواجد في الأماكن العامة أو في تكسي. ولننظر إلى المطاعم في عمّان فكثير منها لا يكترث إلى تطبيق قانون منع التدخين، وبعضها يضع بضع طاولات في زاوية ويعلن أنها لغير المدخنين وتبقى الأراجيل والسجائر تقدح نارها ودخانها على بعد مترين أو ثلاثة  من منطقة غير المدخنين المفتوحة على مصراعيها على ما حولها من دخان وروائح. وعلى النقيض الآخر نرى في فرنسا مثلا أن التدخين ممنوع بتاتا في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة ويدفع من يخالف القانون ويدخن في الأماكن العامة غرامة مقدارها مائة دولار كما يدفع المطعم أو المؤسسة التي سمحت له بذلك غرامة قدرها 1100 دولار!

استنشاق دخان سجائر الآخرين ضار

لا يعتبر تدخين السجائر والأراجيل جنحة يعاقب عليها القانون وقرار التدخين حق شخصي للمدخنة ما دامت لوحدها داخل منزلها لأنها لا تسبب الضرر للآخرين. فحتى الجلوس في الحديقة بالقرب من شخص يدخن أو ركوب الباص مع بضعة مدخنين يرفع مستوى مادة كوتينين بالدم وتستعمل هذه المادة لقياس التعرض للنيكوتين.

 

أضرار اسنشاق دخان الغير

 

لقد سنت القوانين في الأردن لمنع التدخين في الأماكن العامة ويتزايد عدد من توقفوا عن التدخين حفاظاً على صحتهم الشخصية، ولكن ما زالت هناك حاجة ماسة للمزيد من العمل والوعي فنسبة المدخنين زادت من ٢٨٪‏ في العام ٢٠٠٦ الى ٤٠٪‏ الآن في الأردن. عندما يدخن المدخنون وحولهم من لا يدخن فهم يعرضون أنفسهم  إلى تساؤلات عن سبب اختيارهم الاستمرار في نفث الدخان على من في صحبتهم. هل هو ناتج عن اهتمامهم براحتهم الشخصية ومتعتهم دون الإلتفات إلى صحة الآخرين (ومنهم أطفالهم أنفسهم) أم أن السبب هو عدم وضوح  الصورة وغياب المعلومات الكافية؟ سافترض أن السبب هو عدم وضوح المعلومات وسأسرد بعض الأرقام آملة أن يقتنع عدد أكبر من المدخنين بضرر الدخان الخارج من سجائرهم وأراجيلهم على أطفالهم وباقي الناس في مجتمعاتهم، وأشد على أياديهم وأتمنى أن تقوى عزائمهم ويقلعوا عن التدخين حماية لأنفسهم قبل أي أمر آخر.

لقد حلل فريق من جامعة كاليفورنيا/ سان فرانسيسكو المعلومات التي جمعتها إحصاءات ما بين عامي 2003 و 2006 وتوصلوا إلى أن استنشاق غير المدخنين للدخان عند التواجد مع من يدخنون second hand smoking يقتل 42000 شخص في بلدهم في كل سنة منهم 900 طفل لا يزيد عمره عن السنة. يعادل هذا الرقم خسارة 600000 عاما من الحياة بمعدل 14.2 سنة للشخص الواحد وعند ترجمة خسارة الأرواح إلى خسارة البلاد تصل القيمة إلى 6.6 بليون دولار من الخسائر بمعدل 158000 دولار عن الشخص الواحد. ومن اللافت في تلك الدراسة أن الأفارقة والأقليات العرقية كانوا أكثر عرضة لدخان المدخنين وشكلت وفيات أطفالهم أعلى نسبة بين وفيات الأطفال الناتجة عن استنشاق دخان الغير فوصلت النسبة إلى 36% مع أنهم يشكلون 13% فقط من السكان. والسبب هو أن نسبة التدخين أعلى بين الأقليات وأماكن عملهم لا تحمي غير المدخنين من دخان المدخنين.

اسنشاق دخان الغير

تأثير استنشاق دخان الآخرين على صحتك

سرطان الرئة

أفزعتني معرفة أن دخان السيجارة يحتوي على أكثر من 50 مادة مسرطنة ولكن ما أفزعني أكثر هو أن تركيز هذه المواد السامة والمسرطنة قد يكون أعلى في الدخان الذي نستنشقه نحن غير المدخنين مما يستنشقه من يضع السيجارة في فمه. إن التعرض لاستنشاق دخان الغير حتى ولو كان عابراً ولمدة قصيرة يعني التعرض لمادة مسرطنة اثبتت الأبحاث العلمية خطورتها ويحتوي الدخان على مواد كيماوية قادرة على أن تسبب تغيرات سريعة وضرر للجهاز التنفسي وللقلب والشرايين أيضاً.

أمراض القلب

إن تنفس الدخان الذي يملأ الهواء حولنا بسبب وجود مدخنين حتى ولو كان لمدة قصيرة قادر على التأثير بسرعة وفي الحال بشكل سيء على عمل القلب والأوعية الدموية نفسها وتدفق الدم بطريقة تزيد من خطر الإصابة بجلطة. كيف؟ بزيادة التصاق الصفائح في الدم والإضرار ببطانة الأوعية الدموية والتقليل من قدرة شرايين القلب على إيصال المزيد من الدم لعضلة القلب والتأثير على تباين سرعة ضربات القلب heart rate variability. ولسوء الحظ فإن من يعانون من أمراض القلب أكثر تأثراً بأضرار دخان الغير ومن الضروري أن يحرصوا على تجنب التعرض له حتى ولو لمدة بسيطة.

 آثار حادة على الجهاز التنفسي

دخان سيجارة يسبب الأذى للأطفال والكبار والحوامل

دخان الغير يحتوي على مواد كيماوية قادرة على تهييج وأذى بطانة القصبات والشعب التنفسية وقد يسبب التعرض لدخان الغير حتى ولو لفترة قصيرة أعراض مثل السعال والبلغم والصفير واللهاث كما قد يكون الشوكة التي تثير نوبة الربو في الأطفال الذين يعانون من هذا المرض. لذلك من الضروري أن يتجنب المصابون بالربو والأمراض الصدرية الأخرى كباراً وصغاراً التعرض لدخان الغير لأنه ضار بهم أكثر من غيرهم.

مشاكل عند الأطفال

نحن نعلم منذ مدة أن تدخين الأم اثناء الحمل يزيد من الموت المفاجىء لدى الصغار sudden infant death syndrome هذا بالإضافة إلى أن التعرض لدخان الغير أثناء الحمل يؤدي إلى انخفاض وزن المواليد والإصابة بمتلازمة الضائقة التنفسية أو respiratory distress syndrome. أضيفي إلى ذلك أن الأطفال الرضع الذين يتعرضون لاستنشاق دخان من حولهم معرضون بشكل أكبر للموت المفاجىء. وتستمر أخطار الدخان على الأطفال حتى بعد أن يكبروا أكثر وتشمل الإلتهابات التنفسية الحادة والربو ومشاكل الأذن فعندما يكون الوالدان من المدخنين يتعرض أطفالهم للمشاكل التنفسية ويتأخر نمو الرئتين.

دخان الآخرين وجيناتك

قام العلماء في جامعة كورنيل بأخذ خلايا من ممرات الجهاز التنفسي لدى غير المدخنين ممن يتنفسوا دخان الغير لمعرفة إذا كانت هناك تغيرات في الجينات في تلك الخلايا تدل على تفعيلها نتيجة تعرضها للدخان ثم قارنوها مع الجينات المفعلة في خلايا المدخنين وخلايا غير المدخنين ممن لا يستنشقوا دخان الغير فوجدوا أن الجينات المفعلة عند من يستنشقوا دخان الغير وعند المدخنين متشابهة. إن خلايا الجهاز التنفسي هي أول من يتعرض لتاثير الدخان وتبدأ التغيرات فيها على مستوى الجزيئات ثم تستمر إلى أن تظهر الأمراض بما فيها السرطان. وحساسية هذه الخلايا للدخان مذهلة إذ تشعر به ويبدأ رد الفعل فيها حتى ولو تعرضت للدخان أثناء مرورك بشكل عابر في غرفة مليئة بالدخان أو إذا دخنت سيجارة واحدة بالأسبوع.

في النهاية إليك هذه المعلومة لتحتفظي بها في ذاكرتك كلما فكرت بالسكوت عندما ينفث أحدهم أو إحداهن بدخان سجائرهم في وجهك— تدوم بعض التغيرات التي ذكرتها للأبد عند المدخنين ثم يتقهقر عمل الرئة وحتى عندما يتوقفون عن التدخين يستمر الفرق في مستوى عمل رئتيهم عندما نقارنهم بمن لم يدخنوا أبداً.

هل يمكن تنقية الهواء من الدخان؟

قد يظن البعض أن تهوية الغرف وتكرير الهواء وتنقيته بواسطة المكيفات وغيرها من الأجهزة قد يحمي السكان من أضرار دخان الغير ولكن للأسف هذا غير صحيح ولا يمكن الإعتماد عليه فأجهزة تنقية الهواء تتخلص من الشوائب إذا كانت كبيرة الحجم ولكنها غير قادرة على تنقية الهواء من الشوائب الصغيرة والغازات الموجودة في دخان السيجارة. هذا وقد تزيد المكيفات وأجهزة التنقية ضرر دخان الغير بنشره من غرفة واحدة إلى المبنى بأكمله فتعرض أعداد أكبر من الناس له. إنه أمر مؤسف، ولكن حالياً لا توجد تكنولوجيا لحمايتك سوى وعيك وشجاعتك في قول كلمة لا للتدخين والمدخنين.

معلومات لا تعرفها الكثيرات عن مشاكل أطفال الأنابيب

“سيما سألت” ملف في مشوارك مع صحتك سنحاول فيه أن نجيب على سؤال تسأله سيما عن الصحة والمرأة. إذا رغبت في أن تلعبي دور سيما في أحدى “الحلقات” أكتبي سؤالك تحت هذا المقال أو أي من المقالات الجديدة القادمة. الطريقة بسيطة: أنقري على جملة Leave a Comment الظاهرة تحت كل مقال واسألي سؤالك بالعربية. من الضروري أن نضيف أن الأسئلة والأجوبة هدفها عرض المعلومات للثقافة والتنوير وليس الهدف منها علاج حالة خاصة معينة ولا تغني عن زيارة الطبيب أو الطبيبة.

من المعروف أنه يولد في كل عام ربع مليون طفل حصلت أمهاتهم على معالجة طبية عبر تقنيات المساعدة على الإنجاب أو ART أو assisted reproductive treatment كي يحدث الإخصاب والحمل. ويحتفل بعيد ميلاده أكثر من مليون من أطفال الأنابيب حتى الآن.

وسؤال سيما اليوم جاء من سيدة تراجع عيادتي، ” كيف تؤثر تقنيات المساعدة على الإنجاب على الأم وأطفال الأنابيب والحمل؟” لذلك سأحاول عبر السطور القادمة أن أعرض باختصار ولكن بالأرقام جوانب من تأثير تقنيات المساعدة على الإنجاب بشكل عام وأطفال الأنابيب بشكل خاص، كما سأتحدث عن الأسباب إذا كانت معروفة.




الإجهاض أو الإسقاط في حالات أطفال الأنابيب

قد يحدث الإجهاض قبل أن يظهر الحمل بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية أي يحدث قبل أن يعطي فحص الحمل في المختبر نتيجة إيجابية ويسمى إجهاض مبكر جداً. كما قد يكون الإسقاط السريري في أول ثلاثة شهور من الحمل بعد أن يظهر بالتصوير. ويحدث الإجهاض المبكر جداً في 15 إلى 20 بالمائة من الأحمال التي تمت بعد المساعدة على الإنجاب والسبب ما زال غير واضح ولكن يعتقد أن له علاقة بتقدم عمر الأمهات فوق الأربعين والتدخين وتدني نوعية الأجنة (أطفال الأنابيب) التي اختيرت للزراعة في الرحم بعد الإخصاب خارجه.

يحدث الإسقاط السريري في أول ثلاثة شهور عند 10 إلى 15 بالمائة من الأحمال التلقائية التي لم تحتاج إلى تقنيات المساعدة على الإنجاب. أما نسبة الإسقاط بعد الحمل بأطفال الأنابيب فهي حول 15 بالمائة أيضاً ولكن قد يزيد الرقم عن ذلك إذا كانت الأم أكبر سناً أو تعاني من متلازمة تكيس المبايض أو من مرض السمنة المفرطة. وبجمع الرقمين السابقين (الإجهاض المبكر جداً+ الإسقاط السريري في أول 3 شهور) نجد أن 30 بالمائة ممن يحملن بعد المساعدة على الإنجاب يخسرن الحمل قبل أن يتعدى ثلاثة شهور من عمره.

الحمل الهاجر

يسمى الحمل خارج الرحم بالحمل الهاجر ectopic pregnancy وقد يكون في أنابيب فالوب وأماكن أخرى. وبشكل عام نجد أن 2% من جميع الأحمال (الأحمال التلقائية+الحمل بأطفال الأنابيب) تقع خارج الرحم، ولا يختلف الرقم عند السيدات اللاتي حصلن على المساعدة على الإنجاب. وعندما ننظر إلى الأرقام في فئات محددة من النساء مثل من يعانين من مشاكل وانسداد في أنابيب فالوب أو المصابات بمرض البطانة الهاجرة نجد أن الحمل الهاجر بعد استعمال تقنيات المساعدة على الإنجاب أكثر شيوعاً بالمقارنة مع عموم النساء وقد تصل النسبة إلى 4.2%. ومن الملاحظ أن هناك اختلاف في النسب حسب نوع التقنية المستعملة فمثلاً GIFT وZIFT تشكلان خطراً أكبر بالمقارنة مع أطفال الأنابيب IVF وتصل النسبة في الأخيرة إلى 2.2% فقط.

الإسقاط أو وفاة الجنين بعد مرور الثلاثة شهور الأولى

يسقط الحمل بعد الثلاثة شهور الأولى في 3% من النساء اللاتي يحملن تلقائياً. أما إذا كان الحمل قد تم بعد الإستفادة من تقنيات المساعدة على الإنجاب فالنسبة تتراوح ما بين 2 و 4%. والسبب في ذلك هو أن معدل العمر في هذه الفئة من النساء أعلى وهذا يزيد احتمال حدوث أخطاء في عدد الكروموسومات لدى الجنين، كما أن الحمل بأكثر من جنين واحد (وهذا شائع في أطفال الأنابيب) يزيد من إمكانية خسارة الحمل بعد مرور الثلاثة أشهر الأولى.

التشوهات الخلقية لدى الجنين

على الأرجح أن هذا التأثير هو أكثر ما يهم الأمهات والآباء عند الحديث في موضوع أطفال الأنابيب ولكن قد تزيد احتمالات وجود التشوهات الخلقية لدى أطفال الأنابيب مرة ونصف فقط أكثر من المواليد العاديين. ونجد هذه الزيادة البسيطة سواء كان الحمل بجنين واحد أو أكثر وسواء تم حقن الحيوان المنوي مباشرة في داخل البويضة ICSI أو بدونه. ويبدو أن تشوهات العضلات والعظام والجهاز البولي والتناسلي والقلب هي الأكثر شيوعاً عند أطفال الأنابيب، ولكن ما زلنا لا نعلم إذا كان السبب هو التقنيات المستعملة للمساعدة على الإنجاب أم هو زيادة أمراض الكروموسومات عند الأزواج والزوجات غير القادرين على الإنجاب بشكل تلقائي وهذه مشكلة معروفة في حالات العقم وقد تزيد من فرص توريث هذه المشاكل للأجنة.

الحمل بتوأم أو أكثر

لقد أدى استعمال تقنيات المساعدة على الإنجاب (أطفال الأنابيب) إلى زيادة عدد التوائم بشكل كبير جداً في العشرين سنة الأخيرة. إن  هذه مشكلة هامة جداً إذ تزداد مضاعفات الحمل كثيراً عندما يكون الحمل بتوأم ويمتد تأثيرها على صحة وحياة الأم والأجنة معاً. وهناك قائمة طويلة من المضاعفات مثل ارتفاع ضغط الدم والولادة المبكرة ووفيات الأجنة والمواليد ومرضهم بعد الولادة مباشرة. وعند أطفال الأنابيب نجد أن وفاة الأجنة والمواليد تزداد 6 مرات أكثر إذا كان الحمل بتوأم كما يرتفع وجود الشلل الدماغي 5 مرات عندهم.

مضاعفات الحمل بتوأم

 مضاعفات الحمل الأخرى

مع أن التوائم تزيد من مشاكل الحمل إلا أن الحمل بأطفال الأنابيب حتى ولو لم يكن توأم مصحوب بزيادة في حدوث المضاعفات أثناء الحمل إذا ما قورن بالأحمال التلقائية. ولكن بالرغم مما سبق تبقى غالبية الأحمال بعد استعمال تقنيات المساعدة على الإنجاب بدون مشاكل  إذا كان الحمل بجنين واحد فقط. ومن المضاعفات تسمم الحمل وسكري الحمل والمشيمة المنزاحة (اقتراب المشيمة من عنق الرحم أو placenta previa). هل السبب هو تقنيات المساعدة على الإنجاب نفسها أم أن السبب موجود في الأزواج والزوجات الذين يعانون من العقم أنفسهم؟ لا نعلم الجواب بعد.

————————————————————————————————————————————

ثلاثة أمور أساسية عليك امتلاكها قبل أن تبدأي رحلة الأمومة

لقد هيأت الإنترنت والمواقع الإجتماعية الإلكترونية فرصاً مفيدة وممتعة ووسائل سهلة وصديقة للمستخدمة تكاد تعطيها المعرفة والإرشاد بالملعقة (أو الشوكة والسكين) في حفل عشاء راقص. وقد غيرت فعلاً هذه الفرص حياة الناس. وأقصد هنا الناس الذين يسرعون بأيدي مفتوحة لتلقي ما يقدمه هذا العصر الذي حمل معه الثورات في مختلف الميادين … من ميدان العلم والثقافة إلى ميدان التحرير والياسمين. ولكن ما زالت الكثير من النساء تائهة تمشي في الميدان بدون سلاح. وقبل أن يساء فهمي بشكل خطير، أعني هنا بالسلاح الأدوات والمعرفة الضرورية للنجاح في أي دور تقوم به أي إمرأة عادية.

قبل أن يرفع الستار لتجدي نفسك في وسط المسرح تلعبين دور الأم الذي هو حقاً دور البطولة، عليك أن تحضّري استراتيجية واضحة حتى تنجحي في هذه المهمة. ولكي تصيبي عليك قبل كل شيء معرفة ثلاثة أمور لا جدال حولها:

قصة حقيقية حدثت مؤخراً

التوصيات العالمية للفحص السنوي للوقاية من السرطان

الفحوصات المطلوبة للنساء للوقاية من السرطانهدى الطروف (تم تغيير الأسماء) سيدة في ثلاثينياتها أنجبت ابنتها الأصغر قبل أربعة سنوات ثم توقفت عن زيارتها السنوية لعيادة طبيبتها النسائية اعتقاداً منها بأنها لا تفوت على نفسها أمراً ذا أهمية وخاصة أن عائلتها قد اكتملت ولا تنوي هي أو زوجها إنجاب المزيد من الأطفال.

كان القرار مريحاً لهدى حتى سمعت خبراً صعقها عن صديقتها الأقرب التي هي في مثل عمرها، “إنها مصابة بسرطان عنق الرحم وقد تم اكتشافه في أخر مراحله بعد أن انتقل إلى أجهزة أخرى من الجسم.” صدمة قاسية هزتها حتى الصميم ولكنها كانت مثل شعاع المنارة فجأة يصل إلى المدى أمامك فيضيء ما كان خافيا في العتمة. انتظرت هدى ضوء الصباح ثم اتصلت وحددت موعداً قريباً لزيارة عيادة الطبيبة.

في يوم الزيارة وأثناء الفحص السريري للثدي أحست الطبيبة بكتلة صغيرة في ثدي هدى مما دفعها إلى طلب إجراء ماموغرام وهي صورة أشعة للثدي ولاحقاً تم أخذ خزعة biopsy من الكتلة فتبين أنها ورم حميد أي غير سرطاني، وبواسطة عملية جراحية صغيرة استؤصلت الكتلة وانتهى الموضوع.

هذه الأحداث التلقائية تكاد تكون سيناريو ممتاز لفلم قصير—ولكنه سيناريو لحالتين من حالات الحياة—عن أهمية ما يمكنك أن تقومي به لمساعدة نفسك وبالتالي مساعدة عائلتك بأسرها عندما ترين في صباح مضيء خطوتك التالية بكل وضوح. كانت نهاية الحالة الأولى مأساوية وجرس إنقاذ في نفس الوقت لكل امرأة كي تستجيب للدعوات التي تصدرها الجهات الطبية العالمية والمحلية للقيام بالفحص السنوي النسائي. أما الحالة الثانية فهي مثال آخر على أن الفحص الطبي السنوي للثدي فعال في اكتشاف أورام الثدي التي ليست جميعها سرطانية وإذا كانت كذلك فإن اكتشافها مبكراً ينقذ حياتك. 

الفحوصات المطلوبة للنساء

إطلعي برة..تحركي..ليش لسة قاعدة

لا…لست في مزاج سيئ ولم أفقد صوابي وتهذيبي. إني أعني هذه الكلمات حرفياً.

إن الحركة والوقوف هما الحالتان الأكثر شيوعاً في الطبيعة فلن تجدي نحلة جالسة أو قرنفلة قاعدة في البستان مهما نقبت وفتشت إذ لم يتم تصميمهما لهذه الوضعيات. ولا يختلف تصميم الإنسان كثيراً عن جيرانة من نبات وحيوان. على الأقل هذا ما تقوله الأبحاث حول علاقة صحة الانسان وطول عمره بالحركة والوضعية التي يقضي فيها معظم وقته. ففي الشهر الماضي تحديداً نشرت مجلتين طبيتين دراستين منفصلتين توصلتا إلى نفس النتيجة التي كانت دراسات سابقة قد اتفقت عليها. وجدت الدراسة الأولى أنه كلما زاد الوقت الذي تقضيه وأنت تجلسين أمام التلفزيون كلما قصرت حياتك وتراجعت صحتك.

قلة الحركة تضر بالصحة
Photo:iStock

مضار الجلوس

في استراليا يبدو أن الناس تشاهد التلفزيون طويلاً ولكن لا أعتقد أننا نختلف كثيراً عنهم في هذا. وفي دراسة حول 12 ألف أسترالي نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي تبين أن الناس تخسر (بالموت مبكراً) 21.8 دقيقة من عمرها مع كل ساعة إضافية يقضونها في وضعية الجلوس في مشاهدة التلفزيون بعد سن 25. ومن المثير أنه بالمقارنة يخسر الناس 11 دقيقة من أعمارهم مع كل سيجارة يدخنوها.

طبعاً لا يأتي الضرر من التلفزيون نفسه – ما لم تغفو إحدانا وتتدحرج عن المقعد وتقع أرضاً –  لكن في هذه الدراسة كانت مدة مشاهدة التلفزيون مقياساً لحالة الخمول وعدم الحركة. وإذا استمر هذا الخمول أمام التلفزيون لمدة ست ساعات يومياً على مدى عمرك فإنه ينقص 4.8 سنوات من حياتك مقارنة بصديقة زاهدة لا تشاهد التلفزيون مطلقاً—حتى ولو كنت تمارسين الرياضة بكثرة. ليس هذا كل شيء فقد صرح الباحث الرئيسي في هذه الدراسة بأن من لا يمارس الرياضة مطلقاً ولكن لا يشاهد التلفزيون ابداً قد يعيش عدد سنوات مساوي لمن يشاهد التلفزيون 6 ساعات يومياً ويمارس الكثير من الرياضة.

 لا تختلف دراسة أخرى نشرت في مجلة ديابيتولوجيا مع ما سبق، وفيها درس الباحثون نتائج 18 دراسة على ثلاثة أرباع المليون شخص. تناولت كثير من هذه الدراسات عادات الجلوس ومدتها عبر اليوم في المكتب والبيت وليس فقط الجلوس أمام التلفزيون. وجد التقرير أن الشخص البالغ يقضي 50 إلى 70 بالمائة من وقته جلوساً وأن الأمراض تزيد عند أكثر الناس خمولا وأكثرهم جلوساً فيزيد السكري مرة ونصف وأمراض القلب والشرايين مرة وخمس أما خطر الوفاة مبكراً فيزيد نصف مرة حتى ولو مورست الرياضة بانتظام. لماذا؟ لا نعلم بعد ولكن هناك نظرية تقول أن السمة الرئيسية للجلوس هي سكون العضلات الكبيرة في الساقين وهذا السكون يقلل من استهلاك الجسم من السكر، وهو الوقود الذي تستعمله العضلات عند العمل، مما يؤدي إلى تراكمه في الدم وهذا يلعب دوراً في الإصابة بمرض السكري ومشاكل صحية أخرى.

المغزى من هذه القصة هو: تجنبي الإكثار من الجلوس.

لكن لا تفرحي كثيراً فلن تجدي طبيباً واحداً ينصحك بترك الرياضة ورمي حذاء الرياضة على أقرب “هدف” في مؤتمر صحفي، فليس هناك من أدنى شك أن الرياضة مفيدة للصحة…ولكن ببساطة قد لا تكون كافية لوحدها.

إن لحظة البدء بممارسة الرياضة قد تكون الأصعب. ولكن قد تجدي أنك إذا غصبت نفسك عليها ولو لدقائق معدودة اليوم سيصبح الإستمرار فيها غداً أسهل ثم أكثر سهولة في اليوم الذي يليه. يقول د. ديباك تشوبرا أن الإستمرار في ممارسة مهمة معينة لمدة واحد وعشرين يوماً متتالية يؤدي إلى تغيرات في دوائر أعصاب الدماغ circuits تقويها وتجعل من هذه المهمة عادة متأصلة. وهناك نزعة جديدة نسبيا في عالم الرياضة والصحة لا تشجع على الإطالة في التمرينات فالرياضة لمدة طويلة ليست مرادفة للصحة وقد وجدت دراسة أن التمرين لأكثر من تسعين دقيقة مستمرة قادر على إضعاف جهاز المناعة في الجسم لمدة قد تصل إلى ثلاثة أيام. هذا وقد ظهرت مؤخراً أنظمة في الرياضة تعتمد على الإنتقال بين فترات قصيرة من التمرين على أقصى درجة أو سرعة إلى فترات قصيرة أيضاً من الراحة—أي تنصح بعدم الإستمرار في الركض مثلا …سحبة وحدة.

تسمى هذه الطريقة High Intensity Interval Training  أو HIIT أو التمرينات القصوى المتقطعة.

الطريقة الصحيحة في الرياضة

مثال على HIIT

إبدأي بالرياضة 3 أو 4 مرات بالأسبوع لمدة 10 دقائق. أركضي (مكانك في غرفتك إذا لزم الأمر) بأقصى ما عندك لمدة 30 ثانية ثم ارتاحي 30 ثانية وهكذا. طبقي نفس الطريقة على أي تمرين مثل تمارين الألواح planks. وعندما تشتد عزيمتك—في المستقبل القريب إن شاء الله—زيدي تكرار التمرين لمدة 60 ثانية قبل الراحة، أو استمري بنفس التكرار ولكن لمدة عشرين دقيقة بدل العشرة دقائق التي بدأت بها. وتذكري بأن لك أن تعودي إلى المدة القصيرة التي بدأت بها أو بتكرار التمرين لعدد أقل إذا لم تجدي النشاط الكافي في يوم ما.

في جامعة مكماستر في كندا وجدوا أن التمرين على طريقة HIIT لمدة 3 مرات بالأسبوع على دراجة ثابتة أعطى نفس الفائدة الحاصلة بعد الرياضة التقليدية المستمرة لمدة 40-60 دقيقة 5 مرات بالأسبوع. وفي بريطانيا وجد العلماء أن إضافة فترة لا تزيد عن 10-40 ثانية من الركض بأقصى سرعة الى تمرين مدته 10 دقائق خفيف السرعة والمقاومة على الدراجة الثابتة ولمدة 3 مرات اسبوعياً قام بتحسين الإستجابة وإضعاف مقاومة الجسم للإنسولين الذي هو عامل مهم في الإصابة بالسمنة المفرطة والسكري وأمراض القلب والشرايين.

بعد أن قرأت هذا هل ستقولي لنفسك معي، “إطلعي برة..تحركي..ليش لسة قاعدة؟”